التعليم بالامثال
فكان يعلمهم كثيرا بامثال وقال لهم في تعليمه .اسمعوا هوذا الزارع قد خرج ليزرع. وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فجاءت طيور السماء واكلته. وسقط آخر على مكان محجّر حيث لم تكن له تربة كثيرة فنبت حالا اذ لم يكن له عمق ارض. ولكن لما اشرقت الشمس احترق واذ
لم يكن له اصل جفّ. وسقط آخر في الشوك فطلع الشوك وخنقه فلم يعد ثمرا. وسقط آخر في الارض الجيدة فاعطى ثمرا يصعد وينموا فاتى واحد بثلاثين وآخر بستين وآخر بمئة. ثم قال لهم من له اذنان للسمع فليسمع.
( مر 4 : 2 – 9 )..
ان المسيح له المجد شرح لنا في مثل الزارع عن امور تخص بملكوت السموات وبعمل الفلاح العظيم لاجل شعبه .فكزارع في الحقل اتى ليبذر البذار الحق السماوي الذي هو اثمن حقائق نعمته ففي عهده لم يكن الناس قد فهموا رسالته لان كيفية مجيء المسيح لم تكن متطابقة لانتظارهم لانهم كانوا ينتظرون قائدا وفاتحا يخلصهم من قيد ونير مملكة الرومان .فالمسيح اتى لا كملك بل كمزارع لا ليهدم الممالك بل ليلقي البذار لا كقائد ارضي ليحكم بين اليهود والرومان ويوجههم الى النصرات ارضية زائلة او لعظمة القوميات بل الى الحصاد الذي يجمع بعد كدّ وصبر في وسط الخسائر والمفشلات ومن ثم الى مملكته الابدية.
ففي تفسيره للبذار الذي سقط بجانب الطريق قال : كل من يسمع كلمة الملكوت و لا يفهم فياتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو المزروع على الطريق ( مت 13 : 19 )
الطريق...
ان الزرع المزروع على الطريق يمثل ويصور كلمة الله اذ تسقط على قلب انسان غير منتبه الى ما يسمع ان القلب الذي يجعل طريقه لحركة العالم التجارية و مسراته وخطاياه هو مشبّه بالطريق الصلب المطروق الذي تدوسه اقدام الناس والبهائم فاذ تكون النفس منغمسة في اغراضها الذاتية وتمتعاتها الخاطئة فهي تتقسّى ( ....... بغرور الخطية عب 3 : 13 )
لان القوة الروحية تصاب بالشلل لانهم يسمعون الكلمة ولا يفهمونها ولا يدركون انها تنطبق عليهم ..كما ان طيور تسرع لخطف البذار من الطريق كذلك الشيطان يسرع لخطف البذار الحق الالهي من النفس فهو يخشى لئلا توقظ كلمة الله العديمي الاكتراث وتحدث اثرها في القلب القاسي فالشيطان يحاول ان يبعد انتباه الانسان الذي يحركه روح الله ليطلب المخلص ويجعله ان يكون مشغولا بامور ومشاريع دنيوية .لانه يوجد بين الجماعات التي يكرز لها بالانجيل ... .
الارض المحجّرة
المزروع على الارض المحجّرة هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح ولكن ليس له اصل في ذاته بل هو الى حين فاذا حدث ضيق او اضطهاد من اجل الكلمة فحالا يعثر. ( مت 13 : 20 و 21 )..
ان البذرة المزروعة في الارض المحجرة لا تجد الا عمقا قليلا من التربة فينموا النبات بسرعة الا ان الجذر لا يمكنه اختراق الصخر ليجد غذاءه ويساعده على النمو فسرعان ما يذبل ويموت ..ان كثيرين ممن يعترفون بالانجيل هم سامعون تشبّه قلوبهم الاماكن المحجرة لان انانية القلب الطبيعي تكمن تحت تربة رغائبهم الصالحة واشواقهم كالصخر الذي يكمن تحت طبقة التربة فحب الذات لم يخضع وهم لم يروا شر الخطية العظيم والقلب لم يتذلل تحت احساس اثمه هذا النوع من الناس قد يسهل اقناعهم ويبدوا انهم متجددون اذكياء الا ان تدينهم سطحي يوجد فرح في النفس المؤمنة بالمسيح ولكن الناس المذكورين في المثل الذين يقال عنهم انهم يقبلون الكلمة حالا لا يحسبون النفقة ولا يتأملون فيما تطلبه كلمة الله منهم وهم لا يأتون بها وجها لوجه امام كل عادات حياتهم ولا يخضعون ذواتهم بالتمام لسلطانها لانهم يعتمدون على ذواتهم اكثر من اعتمادهم على المسيح...
الشوك ....
المزروع بين الشوك هو الذي يسمع الكلمة وهمُّ هذا العالم وغرور الغنى يخنقان الكلمة فيصير بلا ثمر. مت 13 22 ..
ان بذار الانجيل كتيرا ما يقع بين الشوك والاعشاب المضرة الوبيلة فاذا لم يحدث تغيير ادبي في القلب البشري واذا لم يتخلص الانسان من العادات والاعمال القديمة والحياة الماضية ( حياة الخطيّة ) واذا لم تطرد صفات الشيطان بعيدا عن النفس فان الحنطة ستختنق وسيكون الشوك هو الحصاد و ستقلع الحنطة معه .فينبغي عمل التطهير ان يتقدم باستمرار في الحياة فاذا لم يحفظ القلب تحت سلطان الله واذا لم يعمل الروح القدس بلا انقطاع في تنقية الخلق والسمو به فان العادات القديمة ستظهر نفسها في الحياة يمكن ان يعترف الناس بايمانهم بالانجيل ولكن ما لم يتقدسوا بالانجيل فان اعترافهم يمسي عديم الجدوى واذا لم يحرزوا الانتصار على الخطية فالخطية تنتصر عليهم فالاشواك التي قطعت لم تستأصل من جذورها لذلك تنموا مرة ثانية وبسرعة حتى تغشى كل النفس ...
الارض الجيدة
ان الزارع لن يواجهه الخسائر والمفشلات على الدوام فقد قال المخلص عن البذار الذي سقط في الارض الجيدة : هو الذي يسمع الكلمة ويفهم وهو الذي يأتي بثمر فيصنع بعض مئة وآخر ستين وآخر ثلاثين..
( مت 13 : 23 )
ان القلب الجيد الصالح الذي يتحدث عنه المثل ليس قلبا خاليا من الخطية لان الانجيل يكرز به للهالكين ( لم آتي لادعو الابرار بل خطاة الى التوبة مر 2 : 17 ) . ان من يخضع لتبكيت الروح القدس هو الذي له القلب الجيد الصالح كما قال عنه ( والذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر.لو 8 :15 )..
فهذا القلب يعترف بذنبه ويحس بحاجته الى رحمة الله ومحبته وله رغبة مخلصة في معرفة الحق حتى يطيعه ان معرفة الحق لا يتوقف بالاكثر على قوة العقل بل على نقاوة القصد وبساطة الايمان الغيور المستند على الله وهم في وداعة قلوبهم يطلبون الارشاد الالهي لكي يقترب منهم لانهم يسمعون الكلمة ويحفظونها فلا الشيطان و لا اعوانه يستطيعون ان يخطفوا الكلمة منه..فالله يريدنا ان نتأمل في محبته ورحمته وندرس عمله العجيب في تدبير الفداء العظيم وحينئذ يصير ادراكنا للحق اوضح واوضح واوضح ويكون اشتياقنا الى طهارة القلب وصفاء الذهن اسمى واقدس واذ تسكن النفس في الجو النقي جو التفكير المقدس ستتغير حالتنا بواسطة الشركة مع الله عن طريق التأمل و دراسة كلمته المباركة
وليباركنا الله جميعنا و يرفع مجده فينا لكي تكون قلوبنا بين يديه هو يملأها بالطريقة التي ترضيه حتى نستطيع ان نقول له يا رب( هأنذاارسلني . اش 6 : 8 لكي اجني الثمار التي تليق باسمك القدوس