nounna مشرف عام
عدد المساهمات : 767 تاريخ التسجيل : 23/11/2008 العمر : 43
| موضوع: القمص ميخائيل البحيرى الخميس فبراير 19, 2009 5:47 am | |
|
| * ولد ميخائيل ببلدة اشنين النصارى مركز مغاغة سنة 1847 .. واشنين هذة وان كانت قرية – الا ان لها تاريخ كنسي عريق ... وكان أبوه فلاحا .. كما كان هو وزوجته اتقياء خائفى الله فربيا ميخائيل فى طريق الرب . وعلماه التقوى ووصايا الكنيسة منذ حداثة عمره ...
* ولما بلغ الثانية عشر من عمره مرض ابوه ولما علم اقرباءه انه سينتقل من هذا العالم خافوا على الصبى فأخذوه إلى بيت واحد منهم .. وأصعدوه إلى علية فوق السطح كى يكون بعيدا عن العويل والبكاء والصراخ ... وبينما هو فى ذلك البيت رأى الملائكة حاملين أباه وطائرين به إلى فوق وعرف والده إلى حد انه نادى عليه ( يا أبى ... يا أبى ) فأجابه ملاك من المحيطين بابيه ( اطلب ان تكون اخرتك كآخرة ابيك ) .... ثم بعد ذلك بثلاث سنوات توفيت أمه ..
+ وكان هناك راهب كاهن اسمه القمص تاوضروس اعتاد ان يزور اشنين مرة فى السنة ولأن ميخائيل كان ذا روحانية مرهفة فإنه كان يلازم هذا الراهب طول مدة اقامته فى أشنين واستمر على هذا الحال إلى ان بلغ سن العشرين .. وعندها أعلن لأبيه فى الاعتراف رغبته فى الرهبنة .. ففرح ابوه الروحى بهذة الرغبة ومنحه الاذن فى ان يرافق القمص تاوضروس ... ونفذ ميخائيل لفوره هذة الرغبة وترك أهله وعشيرته دون ان يخبر احدا ولما كان مرشده من الدير المحرق فقد ذهب إلى هناك .....
+ عاش ميخائيل ثمانية عشر شهرا تحت الاختبار خدم خلالها بكل طاعة وتواضع ثم البسوه الطقس الرهبانى باسمه الاصلى (( ميخائيــل )) فحمل نير مخلصه وتبعه إلى النهاية .. وقد عبر عما فاضت به نفسه يوم أن نال هذة البركة بقوله (( لقد أحسست بأننى ولدت ولادة جديدة مع إدراكى لخطورة موقفى .... فالرهبنة مسئولية عظمى .. بها عاهدت الله امام المذبح المقدس بأن انذر ذاتى بكليتها لخدمته ... ومع ذلك فقد امتلأت سعادة عظمى )) ...
* وقد سار مدبرو الرهبنة على الحكمة التى تلقنوها من الاباء فعهدوا بالراهب المبتدئ إلى شيخ مختمر فى الرهبنة ..لأن القدوة ابعدا اثرا من القراءة والاستماع .. وفى عام 1875 تمت رسامته كاهنا ... وبتلاقى الكرامة الكهنوتية مع الفضيلة التبتلية تألفت مظلة سمائية كالسحابة المنيرة التى ظللت الرسل الاطهار فوق جبل طابور .... ولازمته النعمة الالهية ملازمة تامة جعلته متهللا حتى فى الضيقات التى صادفته ... لأن الضيق يكسب الانسان الشجاع دراية وخبرة روحية فكانت الثمار التى جناها من اتعابه وضيقاته من الذ ما استطعمه أبناؤه الرهبان فيما بعد ...
* وعندما ثار رهبان الدير المحرق على القمص بولس الدلجاوى ( الأنبا ابرام ) وابعدوه عن الدير طلب القس ميخائيل من ابيه الروحى ان يخرج معه ولكن القمص بولس منعه قائلا ( امكث فى الدير حتى لا يحل غضب الرب على الدير ) ... وهنا يتبادر إلى الذهن معنى واحد ... وهو ان القمص بولس ( الأنبا ابرام ) كان يعرف مدى قداسة هذا الأب ولذلك منعه من الخروج معه حتى لا يفقد الدير كل اباءه المباركين وعندها يحل غضب الرب على رهبان الدير الذين نزعوا من قلوبهم المحبة .... وأطاع الأبن وصية ابوه الروحى ولا شك انها كانت لحظة عصيبة على كلاهما ...فكيف يترك الأب ابنه ؟ ... وكيف يترك الابن ابيه ؟ ...
* وبعد استقرار الامور فى الدير ..أخذ يدرب نفسه على تجليد الكتب .. فجلد الكتب القديمة بمكتبة الدير لصيانتها .. ولما عرف زوار الدير بعمله هذا اتوا اليه بكتبهم ايضا وكان يقبل منهم اى اجر .... ويفعل بهذا الأجر كما تعلم من مرشده وابيه الروحى ... كان يعطيه فى الحال للفقراء من الرهبان ومن الأهالى الذين كانوا يزورون الدير .... فاعتبره الجميع ملاك رحمة لهم .... وكانوا يأتون للتبرك منه .... والواقع ان من يتأمل معاملة القس ميخائيل فى تواضعه يجد أنه شابه الأنبا يؤنس كامى الذى قيل عنه انه حمل برية شيهيت على خنصره ... فقيل عن ابينا ميخائيل انه حمل برية قسقام والوافدين عليها على خنصره ...
+ وقد دفعه تجليد الكتب إلى قراءتها ولشغفه بها كان يشجع الرهبان على الاستزادة من القراءة فيقول لهم ( ان باب قلايتى مفتوح كل حين فى وجه كل من يريد الاطلاع فالقراءة فى الكتب الالهية نوع من الصلاة .. فنحن بالصلاة نخاطب الله .. وهو يخاطبنا عن طريق كتبه ) ثم انشغل بعد ذلك فى زراعة بستان فى ركن داخل اسوار الدير ... وهنا ايضا كان يوزع كل ما يأتيه وبعض محاصيل البستان على المحتاجين ...
+ وقد اغدق الله عليه مواهب عجيبة منها ان احد الرهبان رآه وقد جلس بجواره ضبعان بكل وداعة .... وحينما رأى هذا الراهب الضبعين تحت قدمى القديس اشتاق ان يعرف ما هذا السلطان .. فسأل احد الشيوخ عن ذلك فأجابه ( ان السر فى خضوع الوحوش لرجال الله ومؤانستها لهم هو انها تشم فيهم رائحة الخالق الحال فيهم .. فتشعر بقوة خفية صادرة عنهم تسلب وحشيتها .. اذن فهى تخضع للخالق فى أشخاص اصفيائه )
+ ولم يقتصر سلطانه الروحى على الوحوش فقط بل شمل الناس ايضا الذين جرفهم العالم ... فقد حدث يوما أن جاء الى الدير شاب ممن سيطر عليهم الاستخفاف برجال الله وما ان وقعت عيناه على ابينا ميخائيل حتى ذهب اليه واخذ يقبل يديه ... وبعد ذلك قال للرهبان ( اننى مندهش مما حدث لأنه بمجرد رؤيتى لرجل الله شعرت كأن قوة خفية تدفعنى نحوه وتحركنى إلى لثم يديه وبينما انا ممسك بهما هزتنى قشعريرة أبكتنى .. فطلبت منه الدعاء الصالح والصلاة من أجلــــى )
+ كذلك منحه الأب السماوى سلطة قاهرة على الارواح الشريرة وعلى السحرة والمشعوذين .. فقد كان فى احدى القري القريبة من الدير ساحر ازاغ الناس وراءه وحدث ان جاءه يوما بعض الناس يطلبون إليه ان يرسل احد عملاءه من الجان إلى قلاية القمص ميخائيل ليرى من هم الجالسون معه .... وكم كانت دهشتهم عظيمة حينما رأوا العميل راجعا فى فزع وهو يقول للساحر ( اطلب منى أى طلب غير هذا لأننى لا استطيع دخول قلاية هذا الراهب .. فكلما حاولت ذلك أراها محاطة بسياج من نار حولها ) ...
* وفى سنة 1908 جاز تجربة صعبة إذ فقد بصره .. فتحملها بصبر كأيوب .. وليس هذا فحسب بل انه كان دائما على استعداد لمغادرة هذا العالم مرددا لنفسه قول رسول الأمم ( لى اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح ) فيلبى 1 : 23 .. ولهذا السبب كان ينفذ وصية رب المجد ( اسهروا وصلوا ) إذ كان لا ينام غير فترات قصيرة ويقضى الليل كله فى الصلوات والتسابيح ... وقد أنعم الله عليه بصوت عذب حنون يملأ قلوب سامعيه عزاء ...
+ ولما تمت ايام خدمته كان لابد ان يرجع إلى بيته ... فلبى نداء السماء يوم 23 فبراير 1923م بعدما عاش فى سيرة روحانية عطرة لمدة 76 عاما وقد كتب أحد رهبان دير المحرق المعاصرين للقديس فى سرده لسيرته قائلا (( كفانا عزاء بعد نياحته كوننا دائما نشخص بقلوبنا نحو ذاته المحبوبة فنحن – وان كنا قد فقدناه جسديا – إلا اننا لم نفقده روحيا فهو معنا بروحه وذكراه وعطر سيرته التى يشتمها ابناءه رهبان الدير إلى الآن ) ...
صلاتــــــــــــــــــــــــه تكون معنا أمـيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــن
|
| |
|