ont=Andalus]" دع الموتى يدفنون موتاهم . وأما أنت فأذهب وناد بملكوت الله "
( لو 9 : 57 – 62 )
إذا كان لا ينبغى لنا أن يضيع أحدنا جزءاً من وقته فى دفن ابيه متى كان ذلك معطلا لأمر روحى . فماذا نستحق إذا ابتعدنا أكثر أوقاتنا عن الأمور الواجبة للمسيح علينا وقدمنا عليها ما ليس بضرورى ؟ أنظر ماذا يتبع الأمور الروحانية من الراحة العاجلة التى هى عربون المجازاة الآجلة . فإن هذا الشاب تعجل الراحة من البكاء والعويل ولوازم المجتمعين . وبعد ذلك البحث عن الوصية وتوزيع الميراث وما يتبع هذا من تداول الأمواج التى تعوق عن ميناء السلامة . فعمل معه السيد عمل المشفق . فإن كثيرين من الناس يكتمون عن ابن المتوفى أو أخيه أو نسيبه إذا كان مريضاً معرفة وفاة أبيه أو أخيه أو نسيبه شفقة عليه . ولو عرف يحجزونه عن أن يمضى مع الميت إلى قبره عند دفنه ولا ينسبون فى ذلك إلى قساوة .
فإذا كانت الشفقة على الجسد توجب منه الانسان لأجلها عن تشيع الميت فالشفقة على النفس أولى بذلك . ولهذا المعنى قال السيد له المجد فى موضع أخر : " ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله " ( لو 9 : 62 ) . وأن تخليص الناس من الموت أفضل وأولى من دفن ميت . سيما وله من يدفنه . وقد أفاد السيد بهذا التعليم فائدتين . أحداهما أن تفضل الأمور الروحية على كل ما سواها . ولو كان ضرورياً وسهلاً . والأخرى أن نعرف ما هو الموت والحياة الحقيقية لأن كثيرين يظنون أنهم أحياء مع أنه لا فرق بينهم وبين الموتى . إذ هم ملازمون رذائلهم . فالأولى أن يقال إنهم فى شر حال من الموتى لان الكتاب يقول : " الذى مات قد تبرأ من الخطية ألستم تعلمون أن الذى تقدمون ذواتكم له عبيداً للطاعة . أنتم عبيد للذى تطيعونه . إما للخطية للموت أو للطاعة للبر " فمن عتق من الخطية خير ممن هو خادم لها . وهذا الشرير قد فسدت نفسه قبل جسده . ونتنها يتزايد دائماً . فهو يتحرك إلى الدود الذى لا يموت . وهو أشر حالا من الميت .
فلهذا وجبت العناية بمن هو أسوأ حالا . وينبغى أن نقترب من السيد من أجل هؤلاء كما تقدمت إليه مريم بسبب لعازر . ولا يجب أن نيأس من الحياة ولو أنتن الميت . ولو مضت على موته ايام . بل نطلب ونؤمن ونرفع الحجر الذى هو ثقل الامور الجسدانية . وإذا نهضوا بمعونة الله علمنا على حلهم من رباطات الخطية . كالسكر الذى يجعلهم فيها طريحين . ومحبة الفضة التى تربط أيديهم عن الصدقة . وهموم هذا العالم التى تعصب أعينهم وأرجلهم عن نظر طرق الله والسعى فيها والتنعم الذى يحل جميع أعضائهم أردأ من انحلالها فى القبر . وإن سألت ومن هو مكفن هؤلاء ؟ أجبتك هو عدوهم إبليس الذى يربطهم ربطاً وثيقة .
فسبيلنا أن نداوم على التضرع فى أمر هؤلاء بمودة أخوية . لنحظى جميعاً بالحياة الحقيقية . بنعمة ربنا وإلهنا يسوع المسيح وتعطفه وجوده . الذى ينبغى له مع ابيه الصالح والروح القدس المجد إلى الابد . آمين
[/size]